كلمتنا

زمــــــن الديــــــاثة : الديوث أسبابه الديوث وحكمه الشرعي هل الديوث لا يشم رائحة الجنة ؟

الديوث

زمــــــن الديــــــاثة : الديوث أسبابه الديوث وحكمه الشرعي هل الديوث لا يشم رائحة الجنة ؟

زمــــــن الديــــــاثة

الديوث

بعد الحمد والثّناء:

أمّا بعد: فإنّ مظاهر الفساد في هذه الأيّام لا تزال في تزايد مستمرّ، وفي انتشار واسع أكثر من

انتشارها فيما مضى من سنوات وعقود، جميع مظاهر الفساد والمحرّمات والخروج عن شريعة

ربّ العالمين لا تزال كذلك، في مقدمتها العري والفواحش، وإنّنا إذ رأينا ذلك حقّ لنا أن نتساءل:

ما هي أسباب هذا الفساد ؟ هل هو انتشار الجهل والأمّية ؟ لا أظنّ ذلك، فإنّه لا مجال للمقارنة

بين حال الأمّة في هذه الأيام، وحالها في الماضي،

فى هذه الايام غابت معاني الرجولة عن الناس، تلك المعاني العالية والسامية التي كان يتمتع

بها آباؤنا وأجدادنا، وكذلك ضياع الحياء الذي بذهابه يذهب خير كثير، ويتجرّأ النّاس على ما كانوا

يستقبحونه، كما قال النبيّ صلى الله عليه وسلم:« إِذَا لَمْ تَسْتَحِ فَاصْنَعْ مَا شِئْتَ ».

في زمن مضى وليس بالبعيد كان أحدنا إذا رأى جارته وابنة حيّه غضّ طرفه وطأطأ رأسه، ولم

يكن ذلك عند كثير من الناس من مقتضيات الشّرع، بل كان من مقتضيات الرجولة، رجولته تمنعه

أن لا ينظر إلى جارته أو أخت أو زوجة صديقه، وإذا رأى من يُحدّ النظر إلى من ذُكِرْن أو يعتدي ع

ليهنّ تأخذه العزة وتحركه الشهامة فيقوم ليدافع عنهنّ، ولم يكن ذلك بدافع الأمر بالمعروف والنهي

عن المنكر، فإن هذه الكلمة لم يكن لها وجود في قاموس الناس أو أكثرهم في تلك الأيام، لقد كان

ذلك بدافع معاني الرجولة التي تسكن قلبه، واليوم لما ضاعت تلك المعاني أصبَحْت ترى ( الدياثة )

أمام عينيك يومياً ..

  • معنى الديوث في اللغة

الديوث في اللغة العربية وفق قاموس المعاني هو الرجل الذي لا يغار على أهله ويفقد الخجل

أو يكون قواداً على نسائه، وفعل (داثَ) يشير إلى التساهل واللين فنقول داثَ عليه الأمر أي

سهل عليه، أما مصدر الكلمة فيقال ديثاً أو دياثة.

عن عبد الله بن عمرو قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ثَلاَثَةٌ حَرَّمَ اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى عَلَيْهِمْ الجَنَّةَ: مُدْمِنُ الخَمْرِ، وَالعَاقُّ، وَالدَيُّوثُ الَّذِي يُقِرُّ الخبْثَ فِي أَهْلِهِ » [رواه النسائي وأحمد – واللّفظ له – وحسّنه الألباني

قال الشيخ الدوسري: [وكذلك من انشرح صدره لتهتك أخواته النساء وإظهار زينتهن ومفاتنهن بحجة التطور والحضارة هو ديوث، راض بعَرْضِ عِرضه، وبعرض لحومهن كعرض السلعة المبتذلة.

وهو خارج عن شرف الإنسانية نازل إلى أحط الصفات البهيمية التي لا تستنكر الفساد

 الديوث أخبث خلق الله والجنة عليه حرام وكذلك محلل الظلم والبغي لغيره ومزينه لغيره فانظر

ما الذي حملت عليه قلة الغيرة, وهذا يدلك على أن أصل الدين الغيرة, ومن لا غيرة له لا دين له,

فالغيرة تحمي القلب فتحمي له الجوارح فتدفع السوء والفواحش, وعدم الغيرة تميت القلب فتموت

الجوارح فلا يبقى عندها دفع البتة ومثل الغيرة في القلب مثل القوة التي تدفع المرض وتقاومه

فاذا ذهبت القوة وجد الداء المحل قابلا ولم يجد دافعا فتمكن فكان الهلاك.

وذكر النبيّ صلى الله عليه وسلم الدّيوث، وعرّفه بأنّه الّذي يقرّ في أهله الخبث، ” يقر في أهله “

أي في زوجه، في ابنته، في أخته، في أقاربه من المحارم ومن غير المحارم، و”الخبث ” الزّنا ومقدّماته

ومما ذكر العلماء في شرح الحديث –وقد جاء في بعض الروايات- أنّه ( مَنْ لاَ يُبَالِي بِمَنْ يَدْخُلُ عَلَى أَهْلِهِ )،

وخلاصة المعاني التي ذكر العلماء أنّ الديوث هو الذي لا غيرة له، وأنه الذي لا تتحرك نفسه إذا تعرض

الناس لأهله وأقاربه وذويه.

  • لماذا كانت الدياثة من كبائر الذنوب ؟

لماذا كان ذهاب الغيرة أو الدياثة من كبائر الذنوب ؟ إنّها من كبائر الذنوب لأنّها تنكيس للفطرة التي

فطر الله عليها الناس، ولأنّ الديوث ممسوخ، فإن لم يمسخ جسمه فقد مسخ قلبه، لا يعرف معروفا

 ولا ينكر منكرا، كما قال أحد السلف (ما من امرئ لا يغار إلا منكوس القلب)، ولأن الديوث ذهبت الغيرة

من قلبه ولا خير فيمن لا غيرة فيه كما قال الذهبي رحمه الله.

وقال ابن القيم:” أصل الدين الغيرة ومن لا غيرة له لا دين له “، وقوله بأنها أصل الدين باعتباره أن موجب

هذه الغيرة هو محبة الله تعالى ومحبة الله هي أصل الدين، فمن كان في قلبه محبة الله ورسوله ودينه

أثمرت هذه المحبة غيرة على الشرع، وغيرة من أن تنتهك حرمات الله تعالى، وإذا غابت هذه الغيرة كان

ذلك دليلا على ضعف المحبة الواجبة أو ذهابها.

  • أسباب الدياثة وضياع الرجولة

1 – ضعف الإيمان: فالإيمان هو المحرك والطاقة الفاعلة بالرجل فإذا ذهب الإيمان لم يبق من

الرجولة إلا الشكل ويتناسب حفظ الرجل لأهله ومحارمه طرداً بما عنده من إيمان.

2- الجهل بالدين فكثير من الجهلة حتى لو كان لقبه عالم ونتيجة لجهله بالدين يرى الالتزام

بالدين وصيانة المحارم تعصباً وتخلفاً ورجعية ويرى ترك الحبل على غاربه لباقة وحضارة وتقدمية.

3 –عدم تحمل المسؤولية الملقاة على العاتق  فإن كل رجل مسؤول يوم القيامة عن أهله،

ومن تحت رعايته من المحارم: وفي الحديث المتفق عليه عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا،

أَنَّهُ: سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «كُلُّكُمْ رَاعٍ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، فَالإِمَامُ رَاعٍ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالرَّجُلُ فِي أَهْلِهِ رَاعٍ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالمَرْأَةُ فِي بَيْتِ زَوْجِهَا رَاعِيَةٌ وَهِيَ مَسْئُولَةٌ عَنْ رَعِيَّتِهَا، وَالخَادِمُ فِي مَالِ سَيِّدِهِ رَاعٍ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ»، قَالَ: فَسَمِعْتُ هَؤُلاَءِ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَحْسِبُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «وَالرَّجُلُ فِي مَالِ أَبِيهِ رَاعٍ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، فَكُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ»

4- قلة الحياء: فالحياء كله إيمان والذي لا يستحي ولا يهمه ما يقال في أهله، ولا يستحي

مما يفعله أهله من الرذائل، بل لو رأى إحدى محارمه مع رجل أجنبي تمازحه وتضحك معه

لما تحركت فيه شعرة، وكأن الأمر لا يعنيه بل ربما يفتخر بتحررها من الدين.

[عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:

” الْحَيَاءُ مِنَ الإِيمَانِ، وَالإِيمَانُ فِي الْجَنَّةِ، وَالْبَذَاءُ مِنَ الْجَفَاءِ، وَالْجَفَاءُ فِي النَّارِ]

5 – صحبة السوء:

[عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ” الْمَرْءُ عَلَى دِينِ خَلِيلِهِ، فَلْيَنْظُرْ أَحَدُكُمْ مَنْ يُخَالِلْ]

6 – الثقة المفرطة بالأهل: إلى حد التعامي عن أمور واضحة بينة تخدش الشرف والعفاف؛

بحيث يتساهل في خروج أهله ودخولهن، يذهبن إلى الأسواق متى شئن، ويرجعن متى شئن .

8 – برامج ومناهج التعليم, والتعليم المختلط في المدارس والجامعات.

10 – الانهزامية أمام الدياثة الغربية الوافدة والانبهار بها واعتبارها حضارة.

مظاهر الدياثة وضياع الرجولة

إن من يتابع أحوال المسلمين يرى مظاهر كثيرة لموت الغيرة لدى الرجال، نذكر هنا جملة من أهم

هذه المظاهر، وأكثرها انتشاراً في مجتمعاتنا الإسلامية:

1 – التبرج وانتشار اللباس غير الشرعي والمتبرج: فعندما تموت الغيرة ترى الرجل يسمح لمحارمه

أن يلبسن الملابس الضيقة والقصيرة، والخفيفة التي تُظهر ما تحتها، مثل البنطلون وغير ذلك من

ملابس التبرج، وإن وُجد لديه شيء من الحياء فإنه يلزمهن بلبس العباءة، لكن هل هذه العباءة حجاب؟

لا، ليست عباءة التبرج والفتنة بحجاب، وقد زينت من الأمام، وزخرفت لها الأكمام، وضيقت من الأعلى،

ووسعت من الأسفل، وصنعت بألوان وأشكال مختلفة، حتى زادت من فتنة المرأة.

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:

«صِنْفَانِ مِنْ أَهْلِ النَّارِ لَمْ أَرَهُمَا، قَوْمٌ مَعَهُمْ سِيَاطٌ كَأَذْنَابِ الْبَقَرِ يَضْرِبُونَ بِهَا النَّاسَ، وَنِسَاءٌ كَاسِيَاتٌ عَارِيَاتٌ مُمِيلاتٌ، مَائِلاتٌ رُءُوسُهُنَّ كَأَسْنِمَةِ الْبُخْتِ الْمَائِلَةِ، لا يَدْخُلْنَ الْجَنَّةَ وَلا يَجِدْنَ رِيحَهَا، وَإِنَّ رِيحَهَا لَيُوجَدُ مِنْ مَسِيرَةِ كَذَا وَكَذَا»([28]).

وفي رواية الموطأ وَلاَ يَجِدْنَ رِيحَهَا، وَرِيحُهَا يُوجَدُ مِنْ مَسِيرَةِ خَمْسِمِائَةِ سَنَةٍ([29]).

فللحجاب الشرعي شروط لا بد من توفرها في هذه العباءة، وهذه الشروط هي:

أن لا يصف ولا يشف وساتر لجميع البدن.

2- الاختلاط: وله مظاهر وأشكال منها الاختلاط في التعليم والجامعات والاختلاط في العمل

والاختلاط في الأسواق والاختلاط في البيوت نتيجة العادات الجاهليه.

3- الخلوة بالرجال: سواء في العمل وخاصة السكرتيرات والطابعات والممرضات والمضيفات

والركوب مع السائق وحده, سواء كان سائق الأسرة أو السائق العام. وأشكال من الموظفات ووو…الخ

4- الجلوس في البيت أمام القنوات التي تنشر مسلسلات الحب والغرام والرذيلة.

المراجع

  • دروس وكتابات للشيخ محمود رضوان نموس الشامى

  • دروس وكتاباتالدكتور محمد حاج عيسى الجزائري

 

Facebook
Twitter
LinkedIn

تواصل معنا على

انخرط الأن

شاهد أيضا